هي "انتفاضة نيران" مجهولة المصدر قد بدأت، حيث دخلت حكومة الاحتلال الاسرائيلي، خلال الأربعٍ وعشرين ساعة الاخيرة، في معركةٍ حقيقية مع نيرانٍ مشتعلة، على مساحاتٍ واسعة من الداخل الفلسطيني المحتل. وبغض النظر عن كونها مفتعلة من ضمنِ عملٍ مقاوم ومنظم، أو أن سببها الطقس واشتداد سرعة الرياح، فإنها كشفت عن هشاشة الأمن الإسرائيلي في التعامل مع هكذا ظروف، لا سيما باستنجاد حكومة الاحتلال على وجه السرعة بدولٍ مجاورة لمساعدتها في إطفاء النيران، ما يؤكد على ضعف الجبهة "الداخلية" للكيان الصهيوني في السيطرة على أحداثٍ مماثلة. كل هذا يعني: لن تكون اي حربٍ مقبلة اقلَّ تأثيرًا منها.
بناءً عليه، فإن فشل حكومة الإحتلال في السيطرة على النيران المشتعلة، دفعها بشكلٍ مباشر لتحميل مسؤولية الحادثة الى جهةٍ فاعلة، ونفيها أن تكون نتيجةً للأحوال الجوية. وبمعزلٍ عن مدى صحة الاتهامات الصادرة عن حكومة الاحتلال، فإن نوايا نتنياهو من تلك الاتهامات، تتلخص بأنه أراد شمّاعة، كي يعلق عليها فشل حكومته في التعامل مع الحرائق، مما يمكّنه من طلب الدعم والعطف الخارجي، بالإضافة الى إسكات الأصوات المعارِضة له داخل "الكيان"، بإظهاره الأمر، على انه "إعتداء وعمل إرهابي"، وصولاً الى وصف ما يحصل بأنه "حالة حرب" واعتقال مشتبه بهم بافتعال الحرائق.
وفي الوقت نفسه، وبعيدًا عن البيانات الصادرة عن سلطات الإحتلال السياسية والأمنية، فإن امتداد النيران بهذا الشكل، لا يمكن استبعاد كونه عمل مقاوم، بالأخص ان النيران كانت في محيط الثكنات العسكرية والمستوطنات الكبيرة، وأماكن أمنية صهيونية حساسة.
الى ذلك، فإن اشتعال النيران في الداخل المحتل، ووصولها الى مناطق في الضفة الغربية، بالتزامن مع المحاولات "الاسرائيلية" لتمرير مشروع "شرعنة الاستيطان"، وبناء وحدات استيطانية جديدة في الضفة والقدس، وسط معارضة دولية، دفع البعض الى تحميل حكومة الإحتلال مسؤولية النيران المشتعلة، من أجل استغلال الأحراش والغابات المشتعلة، لتمدد عملية بناء المستوطنات، وما سيرافق ذلك من تعاطفٍ وقبولٍ دولي غير مستبعد، يرجع وبحسب تلك الدول، الى حق "إسرائيل" بمعالجة الاضرار المترتبة على الحرائق التي اشتعلت.
ولكن مصادر فلسطينية خاصة من الداخل المحتل، نفت لـ "خط تماس"، ما تم تداوله عن امكانية أن تكون النيران المشتعلة انطلقت من ضمن خطة "إسرائيلية"، عازيةً ذلك الى أن الكيان الصهيوني أكثر المتضررين من هذا الوضع. وأشارت المصادر الى ان الامر لا يتوقف عند إخماد الحريق، بل الضرر يقع ايضًا بعد ذلك، لانه سيكلّف أموالاً طائلة لتعويض المتضررين، والنازحين من منازلهم، بالاضافة الى تكاليف المساعدة والطائرات، وطبعًا تكاليف مناطق هبَّت فيها الحرائق.
أما في ما يخص حيفا، التي وصلت اليها النيران، وتسببت بإخلاء اكثر من 75 الف مستوطن، كشفت المصادر عن تواجد أهم المصانع الكيميائية في حيفا ، وكذلك الشركات التي يعتمد عليها الاقتصاد الصهيوني بأكمله، ما يعني أن الاحتلال لن يقدم على تعطيل يوم واحد في حيفا من أجل مآرب اخرى". وأكدت المصادر، أن الحجج الصهيونية لن تصل الى هذه الخطورة التي ترتد على الكيان برمته. فثمة أمور اقل من ذلك بكثير ولا يتعدّى تأثيرها مستوطنة واحدة، يمكن ان يستغلها الإحتلال لإعلان حرب حتى من دون أي رادع دولي.
وفي السياق نفسه، فإن وجهة نظر اخرى تم تناقلها، رفضت ان يكون اشتعال النيران بهذه الطريقة عملاً مقاومًا، باعتبار ان النيران وصلت الى مناطق عربية في الداخل المحتل لا زالت محافظة على تراثها وهويتها الفلسطينية، ما يعني أن حرق قرى عربية كاملة سبب بنزوح سكانها، وهم الذين تمسكوا بقراهم وقت النكبة، لكنهم خرجوا منها بسبب الحريق.
إضافة إلى ذلك، هناك مصادر خاصة، أكدت لـ "خط تماس"، ان النيران التي وصلت الى حيفا التهمت العديد من الاحياء العربية في المدينة المحتلة، وبوصولها الى جبل الكرمل فإنها تُحرق أحد أجمل المناطق في الداخل المحتل، وهذا الأمر ليس من أهداف المقاومة على اختلاف فصائلها، معتبرين أن الفعل المقاوم ضد الاحتلال، يطال مراكزه الامنية والسياسية، بالاضافة الى المستوطنات حصرًا من دون إلحاق أي "ضررٍ مقصود" بالاحياء العربية وبالفلسطينيين المتواجدين في الداخل المحتل.
وحول هذا الرأي، فإن الحرائق امتدت لتطال قرىً عربية، لم يتم ذكر اسمها في الاعلام العبري، كأم الفخم التي تعتبر اكبر مدينه عربية في منطقة "المثلث"، وعدم استعراض الإعلام العبري للخسائر فيها، كان لإستغلال الحرائق قدر الامكان لصالح حكومة الاحتلال، وتبيان الأمر على أنه اعتداء يطال فقط المستوطنات والمدن التي يسكنها "يهود". يأتي ذلك، في سياق عملية تحريض واضحة على العرب في الداخل المحتل، ستطال بنتائجها استكمال المساعي الصهونية لتثبيت مبدأ "يهودية الدولة".
عباس الزين - خط تماس
الوسوم: أخبار
أخبار العالم
مقالات ذات صلة
أخبار العالم
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق