في الفترة التي تلت الثورة، استغلت مختلف الهياكل المهنية والنقابية الفرصة للتوغل في الساحة السياسية والنقابة وفرض حضورها في المشهد العام من خلال الدفاع عن وجودها وحقوق منظوريها، إلا أن عمادة المهندسين نأت بنفسها عن التحولات التي شهدتها البلاد وكأنها تأبى التغيير.
وفسر عميد المهندسين التونسيين أسامة الخريجي غياب عمادة المهندسين عن الساحة بعوامل قال إنها تاريخية حيث أن العمادة كانت قبل الثورة تحت إمرة النظام الحاكم الشيء الذي منعها من الوصول إلى مستوى معين من القوة ومنعها أيضا من الدفاع عن حقوق منظوريها ورسم مكاسبهم ما أدى إلى غياب الثقة بين الطرفين.
وأضاف عميد المهندسين أسامة الخريجي في تصريح “للشاهد” أنه رغم أن الهندسة تعتبر من اكثر المهن الممثلة في المجتمع (أكثر من 70 ألف مهندس) وأكثر المهن التي تتميز بمستوى اكاديمي قوي لكن المهندسين توزعوا على مختلف الاختصاصات داخل المؤسسات العمومية والخاصة وتشتتوا ولم يعد بذلك لديهم روح الانتماء وروح التجانس الذي يجمع عادة بين مختلف الهياكل المهنية ومنظوريها.
وشدد العميد أسامة الخريجي على أن عمادة المهندسين كان لها بعد الثورة فرصة مهمة لتجاوز كل هذه الإشكاليات لكن ذلك لم يحصل وعاشت العمادة فترة ركود حتى سنة 2015 وذلك بعد ان فشلت الهيئة الوقتية التي تم اخيارها حينها في تغيير واقع الجسم الهندسي.
وأكد الخريجي أن الهيئة المنتخبة التي باشرت مهامها بصعوبة أواخر سنة 2015 حملت على عاتقها إعادة تأسيس جديد للعمادة وذلك لكسب ثقة منظوريها من المهندسين.
وتابع محدثنا أن سنة النشاط كانت سنة 2016 بعد ان نجحت عمادة المهندسين في تنظيم يوم المهندس يوم 22 أكتوبر من نفس السنة وحضره أكثر من 5000 مهندس من مختلف الاختصاصات وكان يوم مميز في تاريخ الجسمي الهندسي، بالإضافة إلى لقاء جمع الهيئة مع رئيس الحكومة ولقاءات أخرى متعددة جمعتهم بوزراء في الحكومة لتباحث إشكاليات قطاع الهندسة والحلول الممكنة لإصلاحه.
كما أكد عميد المهندسين أن العمادة نجحت في تنظيم “يوم غضب” عقب عملية اغتيال المهندس محمد الزواري وهو ما يعني إن العمادة اليوم لم تعد كما قبل بل أصبحت متفاعلة مع القضايا الوطنية.
واعتبر أن العمادة ستعمل جاهدة على فرض نفسها في المشهد مجددا وستقوم بدورها كاملا لحماية حقوق المهندس ، مشيرا في ذات السياق إلى أن العمادة بصدد التحضير لثلاثة ملفات كبرى ستعرضهم على عدد من الوزراء تتعلق بالوضع المادي للمهندسين في القطاعين العمومي والخاص وخاصة بالنسبة لخريجي الهندسة العاطلون عن العمل، بالإضافة إلى طرح مشكلة جودة التكوين الهندسي في ظل انتشار وتفاقم المدارس الخاصة وتدارس وضعية العمادة من خلال تقديم الدعم المادي و اللوجيستي لها.
وأكد عميد المحامين أسامة الخريجي أن المهندس التونسي اليوم يعاني من إشكاليات مختلفة تتمثل أساسا في أن عدد المهندسين أكثر من العرض حيث أنه تخرج سنة 2010 حوالي 4300 مهندس بينما تخرج سنة 2015 حوالي 8500 مهندس وهو عدد كبير مقارنة بالوضع الإقتصادي الذي تمر به البلاد والذي منعها من استيعاب كل هذا العدد وبالتالي ارتفاع البطالة في صفوفهم.
وتابع محدثنا أن المهندس أيضا أصبح عرضة للتشغيل الهش والاستغلال بمقابل مادي ضعيف وبعقود عمل مجحفة إضافة إلى عدم تمتع المهندسين بالامتيازات الخصوصية التي تتمتع بها الأسلاك المهنية الأخرى، مشيرا في ذات السياق إلى أن المهندسين هم الوحيدين الذين لم يخوضوا منذ سنة 2011 أي اضراب.
المصدر الشاهد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق